miércoles, 28 de mayo de 2008

هل حل ارتفاع أسعار البنزين بأمريكا سعوديا؟

تقرير واشنطن – عمرو عبد العاطي

يُعاني المواطن الأمريكي هذا العام من ارتفاع أسعار الوقود، فقد تجاوز سعر برميل النفط هذا الشهر حاجز 135 دولاراً، وتأتي معانة المواطن الأمريكي في السنة التي ستشهد الانتخابات الأمريكية أواخر هذا العام (نوفمبر 2008)، ولهذا كانت قضية ارتفاع أسعار الوقود محل منافسة محتدمة بين المتنافسين الديمقراطيين ـ هيلاري كلينتون وباراك أوباما ـ على الفوز ببطاقة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وقد دخل على خط المنافسة المرشح الجمهوري جون ماكين، ليعبروا عن إستراتيجيتهم لمواجهة ارتفاع أسعار الوقود، والتي لها جل الأثر على المستوي الاقتصادي للناخب الأمريكي.

وفي الوقت الذي تتزايد فيه حدة القضية توجهت الأنظار الأمريكية ـ الرسمية والشعبية ـ إلى الدول المصدرة للنفط ـ الدول الأعضاء بمنظمة الأوبك ـ لاسيما المملكة العربية السعودية التي تربطها بالولايات المتحدة الأمريكية علاقات قوية. فخلال زيارة الرئيس بوش إلى المنطقة في منتصف شهر يناير الماضي (2008)، طلب من القادة السعوديين زيادة الإنتاج لخفض أسعار النفط القياسية، ولكن أسعاره واصلت ارتفاعها إلى أن تجاوز سعر برميل النفط حاجز 135 دولاراً للبرميل.

مجلس الشيوخ يربط زيادة الإنتاج بمبيعات السلاح
قبل أيام من زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش للمملكة العربية السعودية، وهي الزيارة الثانية له خلال هذا العام ولعلها الأخيرة له مع قرب نهاية فترة إدارته الثانية هذا العام، والتي تًُواكب الذكري الخامسة والسبعين للاحتفال ببدء العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين، ربط العديد من الديمقراطيين بمجلس الشيوخ الأمريكي بين مبيعات الأسلحة وضرورة زيادة الإنتاج السعودي من النفط، في إجراء يتوقع العديد من الديمقراطيين وأفراد الشعب الأمريكي أنه سيخفض من أسعار النفط المرتفعة من يوم إلى أخر.

وتجدر الإشارة إلى أن الإدارة الأمريكية قد أعلنت السنة الماضية (2007) عن مبيعات أسلحة إلى المملكة العربية السعودية وباقي دول مجلس التعاون الخليجي الخمسة بما يقدر بـ 20 مليار دولار، كجزء من مشروع لتعزيز قوة الدول المعتدلة ـ حسبما تطلق عليها وزيرة الخارجية الأمريكية "كونداليزا رايس" ـ بمنطقة الشرق الأوسط؛ لمواجهة إيران وحزب الله وسوريا، أو ما تطلق عليها واشنطن قوي المعارضة والممانعة بمنطقة الشرق الأوسط للوجود والمصالح الأمريكية بالعالم العربي. وتشمل صفقة الأسلحة الأمريكية للمملكة العربية السعودية المقدرة بـ 1.4 مليار دولار نظم اتصال ومتفجرات وأجهزة دعم جوي وأسلحة متقدمة أخري.

ويُطالب مشروع القانون الذي يحتاج إلى موافقة 51 سيناتور لكي يُمرر من المجلس، المملكة العربية السعودية أن ترفع من إنتاجها الحالي إلى مليون برميل في اليوم بما يفوق إنتاجها من النفط خلال شهر يناير الماضي.

وفي هذا السياق يقول السيناتور الديمقراطي عن ولاية نيويورك "تشارلز شومرCharles Schumer" "يجب أن نقول للسعوديين إذا لم تساعدونا فلماذا نساعدكم". ويضيف "أننا نحتاج إلى إغاثة حقيقية ونحتاجها بسرعة، نحتاج مساعداتكم وليس خنق المستهلك الأمريكي". ويري أن زيادة الإنتاج السعودي سوف يخفض سعر جالون الوقود ما بين 50 إلى 75 سنتاً.

وفي ظل تزايد المطالب الديمقراطية بالربط بين مبيعات السلاح الأمريكية للرياض وزيادة الأخيرة لإنتاجها، كان لرئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ "جوزيف بايدن Joseph Biden " رأي أخر، حيث يقول أن إيقاف مبيعات السلاح الأمريكية للمملكة العربية السعودية سوف يُدعم من قوة إيران وحزب الله اللبناني وسوريا، والذي يزيد من عدم الاستقرار والأمن بالمنطقة، حيث أن الهدف من مبيعات السلاح الأمريكية للمملكة العربية السعودية، والعديد من دول المنطقة، هو تدعيم قوي المنطقة المعتدلة في مواجهة قوي الممانعة للمشروع الأمريكي.

ويضيف أن هذا التصرف على المدى الطويل سوف ينال من العلاقات القوية بين البلدين، حيث تستطيع الرياض أن تشتري ما تحتاجه من أسلحة من دول أخري، وهذا التصرف من وجهة نظر "بايدن" سيكون له جل الأثر على الأمن القومي الأمريكي لاسيما في الوقت الذي لا يُضمن فيه أن تؤدي زيادة الإنتاج السعودي إلى خفض أسعار النفط عالمياً أو داخل واشنطن.

خطاب ديمقراطي للرئيس بوش
وقبل زيارته إلى المنطقة وجه الديمقراطيون بمجلس الشيوخ خطاباً للرئيس الأمريكي، وقع عليه "هاري ريد Harry Reid" زعيم الأغلبية بالمجلس، و"ريتشارد دوربين Richard Durbin" و"تشارلز شومرCharles Schumer" و"ياتي ميوراري "Patty Murrary. وقد طالب الديمقراطيون بالمجلس من الرئيس الضغط على النظام السعودي لزيادة الإنتاج، فيقولون "إن الشعب الأمريكي يحتاج إلى قيادتكم أكثر من أي وقت مضي"، وتمنوا أن يضع الرئيس هذا الموضع على أولويات أجندته عند لقائه بالقادة السعوديين، وأن يقنعهم بزيادة الإنتاج؛ حتى يتم خفض أسعار النفط إغاثة للسائقين الأمريكيين.

ويضيفون في خطابهم أن أسعار الوقود قد ارتفعت منذ وصول الرئيس بوش إلى البيت الأبيض، فقد ارتفع جالون الوقود من 1.46 دولاراً إلى 3.65 دولاراً، وفي بعض الولايات تجاوز حد الأربعة دولارات. فضلاً عن ارتفاع سعر برميل النفط من 32.12 دولار إلى ما يفوق 128 دولاراً للبرميل.

ويؤكدون في خطابهم على أن ارتفاع أسعار الوقود أثار غضب المواطن الأمريكي، وأثر بشكل كبير على الأعمال والاقتصاد الأمريكي، في الوقت الذي اتسم فيه دخل المواطن الأمريكي بالثبات وعدم الارتفاع، فقد ارتفع ما يخصصه المواطن للوقود من دخله من 5% في بدايات عام 2001 إلى 10% يومياً خلال هذا العام.

ويذكر الديمقراطيون الرئيس بوش بما قاله في أول خطاب له، الذي قال فيه أنه بعلاقاته القوية مع شركات وصناعة النفط سوف يتمكن من ممارسة دور فاعل في إقناع الدول المصدرة للنفط (دول منظمة أوبك) من زيادة إنتاجها. ولكن رغم طلباته هو ونائبة "ديك تشيني" صوتت دول منظمة الأوبك ثلاث مرات ضد رفع الإنتاج. فبعد زيارة بوش الأولي خلال هذا العام للمنطقة وطلبه من الدول المنتجة للنفط رفع إنتاجها ارتفعت أسعار النفط بمعدل 30 دولاراً للبرميل إلى أن وصل سعره إلى مستوي قياسي تجاوز 128 دولاراً للبرميل.

ويضيف الديمقراطيون في خطابهم إلى أن ما سيحققه الرئيس بوش خلال زيارته بما يخفف من واقع ارتفاع أسعار النفط على المواطن الأمريكي ومستواه الاقتصادي سيعد أمراً تاريخياً سيسجله التاريخ له.

وقف إمدادات المخزون الاستراتيجي النفطي
وبجانب كل تلك الجهود نجح مجلس الشيوخ في تمرير قانون بأغلبية قوية، حيث صوت 97 سيناتور مقابل واحد على تعليق تسليمات النفط إلى الاحتياطي الاستراتيجي Strategic Petroleum Reserve (SPR) ، في محاولة لتعزيز المعروض في السوق، وخفض الأسعار قليلاً في محطات الوقود. ولكن البيت الأبيض أعلن أنه سيستخدم حق النقض (الفيتو) ضد هذا القانون، قائلاً أن مثل هذه الكمية الضئيلة نسبياً من النفط لن تؤثر في الأسعار.

وبناءاً على هذا القانون أعلنت وزارة الطاقة الأمريكيةThe Energy Department أنها ستتوقف عن توقيع عقود لمدة ستة أشهر ابتداءاً من الأول من يوليو القادم لتسليم ما يصل إلى 13 مليون برميل من النفط الخام إلى الاحتياطي الاستراتيجي. ويري الديمقراطيون أن ضخ المزيد من الوقود بدلاً من إرساله إلى الاحتياطي الاستراتيجي سوف يعمل على خفض أسعار النفط المرتفعة بصورة قياسية.

وتجدر الإشارة إلى أن مجلس النواب الأمريكي قد وافق على مشروع قانون يسمح لوزارة العدل الأمريكية بمقاضاة أعضاء منظمة الأوبك؛ للحد من إمدادات النفط والعمل على تحديد أسعار الخام، ولكن البيت البيض يُهدد باستخدام حق النقض (الفيتو) على هذا المشروع

No hay comentarios: